أنتم هنا : الرئيسيةالمجلسالآراء الاستشارية والتوصياتالآراء الاستشارية، التوصيات و المذكرات المرفوعة إلى جلالة الملكالرأي الاستشاري المتعلق بإحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج

النشرة الإخبارية

المستجدات

14-03-2024

المجلس الوطني لحقوق الإنسان يؤكد بجنيف على ضرورة عقد لقاءات تشاورية مع الأطفال (...)

اقرأ المزيد

13-03-2024

التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان يعبر بجنيف عن دعمه للمقاربة (...)

اقرأ المزيد

11-03-2024

الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان: مشاركة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في النقاش (...)

اقرأ المزيد
الاطلاع على كل المستجدات
  • تصغير
  • تكبير

الرأي الاستشاري المتعلق بإحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج

أولا: مرتكزات الرأي الاستشاري

كلف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه لله، يوم 6 نونبر 2006، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بمهمة «القيام باستشارات واسعة، مع جميع الأطراف المعنية، بهدف إبداء رأي استشاري يخص إحداث هذا المجلس الجديد، الذي ينبغي أن يجمع في تركيبته بين متطلبات الكفاءة والتمثيلية والفعالية والمصداقية».

وطبقا للتعليمات الملكية السامية قام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان باستشارات واسعة بمساهمة لجنة الهجرة التابعة للمجلس وفريق عمل مكون من باحثين مغاربة، يشتغلون بالمغرب أو بالخارج، ومن فاعلين جمعويين ومنتخبين من أصول مغربية، مقيمين بالخارج. كما استعان المجلس بخبرات وتجارب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، والوزارة المنتدبة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ومؤسسة محمد الخامس للتضامن وسفراء جلالة الملك في العديد من بلدان الهجرة.

1. استشارات واسعة

لقد تضمن برنامج الاستشارات التي قام بها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بصفة خاصة تنظيم أربع ندوات وحوالي 62 اجتماعا للاستشارة شملت 20 بلد إقامة المغاربة بالخارج وموافاتهم باستمارات عبر الانترنيت، وبإجراء لقاءات مع الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني. كما استعان المجلس بآراء القطاعات الحكومية والمؤسسات المتدخلة في تدبير موضوع الهجرة، وتم الاستئناس بآراء جميع الجمعيات والشخصيات التي طلبت من المجلس الاستماع إليها.

وعلى العموم عرف هذا المسلسل إشراك ومساهمة أكثر من 3000 من الفاعلين الجمعويين والسياسيين والمنتخبين والمبدعين والمقاولين والمسؤولين الدينيين والباحثين والاستماع الى آرائهم. وقد دونت ملاحظاتهم واقتراحاتهم في التقرير الذي أعده المجلس والمرفق بهذا الرأي الاستشاري. كما أن نتائج أشغال الندوات والمساهمات الفردية التي تم التوصل بها متاحة على الموقع الالكتروني للمجلس وسيتم نشرها قريبا.

وعلى ضوء ما تم جمعه من مواد، خلال مجموع هذه الأنشطة، وكذا الأعمال العلمية المنجزة، وبعد دراسة التجارب الدولية في موضوع تمثيلية المواطنين المهاجرين، وتحليل المراسلات التي تم التوصل بها، وعلى إثر المداولات التي قام بها، أعد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان رأيه الاستشاري هذا، ويعرضه على العناية الخاصة لجلالتكم. وقد تبين أن الصيغة المقترحة لمجلس الجالية المغربية بالخارج هي الأكثر ملاءمة للوضعية الراهنة وللدينامية التي تم إطلاقها منذ الخطابين الملكيين الساميين في نونبر 2005 ونونبر 2006. وتنطلق هذه الصيغة من معاينة ثلاثية الأبعاد:

شبه إجماع لدى المخاطبين، العموميين والخواص، في الخارج كما في المغرب،على إحداث المجلس وعلى طبيعة مهامه الأساسية؛

ضرورة إدراج مسألة إحداث المجلس في إطار سياسة عمومية متجددة وطموحة لمواكبة التحولات الجذرية التي تعرفها الهجرة؛

وجود اختلافات في التقدير حول طرق إحداثه: فالآراء تتباين من الاقتراع المباشر إلى التعيين، مرورا بصيغ وسيطة تمزج بين الاقتراع العام المباشر والتعيين، أو تشكيل أغلبية المجلس من ممثلي منظمات المهاجرين الموجودة حاليا. وعلى العموم، فإن التجربة الدولية تبرز اختلاف الصيغ المعتمدة وطابعها التطوري.

وأخذا بعين الاعتبار كل هذه المتغيرات، فإن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يقترح بالذات صيغة تطورية تمكن أعضاء المجلس، في تشكيلته الأولى، من تعميق التفكير في الموضوع وبالتالي تقديم اقتراح، في نهاية الولاية الأولى، لاختيارهذه الطريقة أو تلك لتشكيلة المجلس. ويبقى من اختصاص المجلس أيضا التفكير في الصيغة الأمثل لإشراك جيد للهجرة في التنمية البشرية والحياة الديمقراطية للمغرب.

وهذا الخيار يستلزم مواصلة اعتماد المجلس المقترح على المقاربة التشاركية التي طورها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بل وتوسيعها بإشراك جميع الفاعلين في أوساط الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وذلك، أساسا، من خلال إحداث مجموعات عمل خاصة، كلما دعت الضرورة إلى ذلك، تُشرك إلى جانب أعضاء المجلس المقبل كفاءات مغربية من الخارج، من خلال تنظيم ندوات موضوعاتية يشارك فيها مغاربة الخارج حسب مجالات اهتمامهم أو اختصاصهم أو حسب بلد الإقامة أو حتى القارة.

2. هجرة تعرف تحولات عميقة

في أقل من أربعة عقود عرفت الهجرة المغربية تحولات عميقة بسبب عدة عوامل منها أساسا:

عولمة متزايدة (تواجد المهاجرين المغاربة في جميع القارات، رغم أن معظمهم يستقرون في أوروبا)؛

تأنيث متزايد (حوالي مهاجر مغربي من اثنين امرأة)؛

التوجه نحو الاستقرار النهائي في بلدان الإقامة (مع بروز الجيلين الثاني والثالث للمغاربة الذين ولدوا وترعرعوا خارج المغرب)؛

اتساع مجالات أصول المغاربة المهاجرين لتشمل مجموع جهات المغرب، وأخيرا؛

تنوع الخلفيات السوسيو مهنية للمهاجرين المغاربة.

إن الحركية المتزايدة للأشخاص والناتجة عن العولمة ونتائجها وتنقلات الأشخاص ذوي الكفاءات والمؤهلات العالية ظاهرة تمس وستمس المغرب أكثر فأكثر. وبصفة عامة، فان المستوى الدراسي للمهاجرين المغاربة قد عرف تطوراً ملحوظا. وتبقى الهجرة غير الشرعية، التي تشجع عليها شبكات تهريب البشر، إحدى مميزات الهجرة، رغم جهود السلطات العمومية في مجال مراقبة الحدود خلال السنوات الأخيرة.

إن التجذر في بلدان الإقامة، الذي تعبر عنه أساسا ظاهرة التجنس، يبقى مع ذلك مسلسلا معقدا أمام تنامي ظاهرة معاداة الأجنبي (الكسينوفوبيا) ومختلف مظاهر العنصرية، وبالموازاة معه هناك المحافظة على علاقات وجدانية وعاطفية قوية مع المغرب، يتم التعبير عنها بأشكال عديدة: العودة المكثفة خلال فترات العطل، ارتفاع المبلغ الاجمالي للتحويلات المالية، انخراط مئات الجمعيات في مشاريع التعاون مع المغرب.

كما لا يمكن تجاهل معطى أساسي آخر، لاسيما وأنه يتخذ طابعا قانونيا، وهو المتمثل في ازدواجية انتماء المغاربة والمغربيات. فكل المؤشرات تدل على أن هذا المعطى في تزايد مستمر. فبتبعيتهم، وأيضا بانتمائهم، لنظامين قانونيين وطنيين مختلفين، مع ما يترتب عن ذلك من حقوق وواجبات، يصعب أكثر فأكثر اعتبار المغاربة والمغربيات مجرد مقيمين في الخارج. بل يتعزز وضعهم كمواطنين كاملي المواطنة – على الأقل قانوناً – داخل بلدان الإقامة. وحتى إذا لم يختاروا جنسية بلد الإقامة، فإن تقدم الديمقراطيات يمكن المهاجرين المغاربة من أشكال متعددة من المشاركة في الحياة السياسية (حق التصويت والترشيح للانتخابات المحلية، انتخاب ممثلين نقابيين، العضوية في محاكم الشغل، الحق في تأسيس جمعيات...)؛ مما يوسع ممارسة «مواطنة الإقامة» ويجعلها أمرا ملموساً.

وبناء على ذلك يعتبر المجلس أن أية سياسة عمومية مغربية، بما فيها إحداث المجلس، ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار تنوع الوضعيات التي تبرز داخل الهجرة المغربية، والحرص على مواكبة عملية الاستقرار الجارية في معظم بلدان الإقامة. إن اندماج أغلبية المهاجرين المغاربة في بلدان الإقامة يبدو في الواقع مسارا لا رجعة فيه.

وتندرج إشكاليات هذا الإدماج (مشاكل التمدرس، السكن، التكوين والتشغيل...الخ) ضمن اختصاصات السلطات العمومية لتلك البلدان. وتبقى بعض فئات الهجرة (المهاجرون غير الشرعيون، النساء الضحايا فعليا واحتمالا لشبكات تهريب البشر، المهاجرون في البلدان العربية، المعتقلون) في حاجة لمجهودات إضافية لحمايتها من طرف السلطات القنصلية المغربية. وبمقابل هذه الفئات ذات الوضعية الهشة، هناك فئات نجحت في الاندماج في بلدان الإقامة، إلا أن عدم الاهتمام بها قد يساهم في معاكسة نجاحها في ذلك الاندماج. فمواكبة هذا التجذر يعتبر بالضرورة أحد الشروط لتأمين مواصلة ارتباطهم بالمغرب.

إن المغاربة المنخرطين، على مستويات مختلفة، في مسلسلات الاندماج، على اختلاف أجيالهم ووضعياتهم الاجتماعية، يعبرون للسلطات المغربية، بالمقابل، عن متطلبات قوية في المجالين الديني والثقافي. فبالنسبة للأجيال الأولى، وحتى بالنسبة لجزء من الأجيال الجديدة، فان المسألة الدينية تبقى أحد الاهتمامات الكبيرة: الحاجة لأماكن العبادة، للتأطير الديني، للتكوين...إلخ. ففي العديد من البلدان، وقبل الحادي عشر من شتنبر 2001، لكن بصفة أشد منذئذ، أصبح الإسلام يثير حذرا وجدالات عامة، وأصبحت حكومات بلدان الاقامة تبادر إلى تنظيم المجموعات الإسلامية وإلى التصريح برغبتها في الحد من «التدخل الخارجي». لكن، وبشكل عام، فان الجاليات المغربية تعبر عن العديد من المطالب ذات الصلة بالإشكالية الثقافية، والتي تشمل طبعا مسألة تعليم اللغة العربية وكذا برامج الاذاعة والتلفزة وتنظيم المعارض والمهرجانات الثقافية، إلخ. وقد ورد باستمرار، خلال اللقاءات التشاورية، طلب إحداث مراكز ثقافية مغربية ببلدان الإقامة. ويمكن اعتبار هذه الطلبات، في نهاية الأمر، نتيجة لمسلسلات الإدماج الجارية في تلك البلدان. فبالنسبة للأجيال الأولى، التي اكتشفت أن أفق العودة النهائية يبتعد، فالمطلوب ضمان ما تعتبره تلك الأجيال العناصر المميزة للهوية المغربية وتأمين نقلها للأجيال الجديدة. أما بالنسبة للشباب، مواطني البلدان التي هاجر اليها آباؤهم، فان اكتساب الثقافة المغربية هو إحدى الوسائل لضمان مستقبل منسجم ومتوازن.

ثانيا: إنشاء مجلس الجالية المغربية بالخارج

1. مهام المجلس

يعتبر المجلس الذي يحمل اسم مجلس الجالية المغربية بالخارج هيئة استشارية بجانب جلالة الملك. وبهذه الصفة يعمل المجلس كقوة اقتراحية وهيئة لتتبع وتقييم كل ما يتصل بالسياسات العمومية للمملكة تجاه مواطنيها المهاجرين. ويكرس المجلس جهوده للدفاع عن المصالح المشروعة لهؤلاء، داخل المملكة وخارجها، ولتقوية مساهمتهم في التنمية الاجتماعية والبشرية للبلاد وتعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين المغرب وبلدان المهجر.

وعليه، فالمجلس مدعو للاجتهاد، من خلال تنظيمه وأسلوب عمله ومقترحاته، إلى تحقيق الأهداف التالية:

أ- تشكيل ملتقى لتبادل التجارب وترصيدها فيما يخص قدرة المغاربة على الاندماج والتطور في بلدان المهجر.

ب- إحداث مرصد لاستشراف المسالك الواعدة للهجرة الشرعية، اعتبارا للتطورات الجارية أو المتوقعة في تلك البلدان من النواحي التكنولوجية والاقتصادية والمالية والقانونية والسياسية.

ج- العمل كمركز لمصادر المعلومات والمشورة لتيسير تنظيم مغاربة الخارج، فرادى وجماعات، ضمن شبكات فاعلة تمكنهم من الانخراط في تجمعات ذات مصداقية وتمثيلية واسعة، مع تعزيز جهودهم الجماعية وتضامنهم الوثيق.

د- الإسهام، بصفة استشارية، في بلورة وتتبع وتقييم سياسات عمومية قمينة بما يلي:

التطوير التدريجي للاتفاقيات التي تربط المغرب ببلدان المهجر وجعلها أكثر تناسقا وملاءمة؛

الاستجابة، على نحو أفضل، للحاجيات المعبر عنها من طرف مغاربة الخارج، خصوصا فيما يتعلق بتعليم اللغات،
وتلقين العبادات ومزاولتها، والتنشيط الفني والثقافي والتواصل بمختلف وسائطه، مع احترام القيم العالمية لحقوق الإنسان والقيم التي يدعو إليها المغرب، كالوسطية والاعتدال والتسامح، وكذا القوانين وضوابط الحياة العمومية المعمول بها في بلدان المهجر؛

تقديم أشكال الدعم والمساندة الملائمة لشرائح المهاجرين المغاربة ذوي أوضاع هشة أومهمشة في بلدان الإقامة؛

تحسين ظروف العبور والإقامة لمغاربة الخارج إلى وفي بلدهم الأصلي، سواء عند زيارتهم له أو عند العودة النهائية؛

تسريع وتنويع أنماط انتقال العلوم والتكنولوجيات والكفايات والاستثمارات والأموال إلى المغرب.

هـ- الإسهام في تفكير عميق حول شروط وسبل المشاركة الواسعة والمنظمة والفعالة لمغاربة الخارج في الحياة الديمقراطية للمملكة، أخذا بعين الاعتبار التجارب المقارنة لبعض البلدان عبر العالم التي تنظم مثل تلك المشاركة. ويتعلق الأمر بتدبر نوعية وحجم التمثيل السياسي لمغاربة الخارج ضمن المؤسسات الوطنية التمثيلية، وضبط شروط ممارسة حّقي التصويت والترشيح أو فقدانهما، وتجنب تنازع الجنسيات، وتحديد حالات التنافي المرتبطة بمختلف أوضاع المهاجرين، وإيجاد أنماط الاقتراع وطرائق التصويت عن بعد، الملائمة لتلك الأوضاع.

و- تقوية المساهمة المباشرة وغير المباشرة لمغاربة الخارج في بناء قدرات بلدهم الأصلي وطنيا وجهويا ومحليا، في مجالات التنمية البشرية المستدامة وتوسيع مجتمع المعرفة والنهوض بالموارد البشرية.

ز- تطوير استراتجيات عصرية للتواصل والترافع والفعل عبر شبكات مختلفة، بما يتلاءم مع مميزات كل السياقات، من أجل الإسهام في تحقيق تقارب المغرب، مجتمعا ودولة، مع بلدان المهجر، على الأصعدة الثقافية والبشرية والاقتصادية.

ح- تشجيع مغاربة المهجر على القيام بدور فاعل في نشر وتعزيز قيم المساواة والعدالة الاجتماعية والتفاهم المتبادل بين مختلف مكونات مجتمعات المهجر.

2. تركيبة المجلس

أ- يحدث مجلس الجالية المغربية بالخارج بجانب صاحب الجلالة، الذي يعين له رئيسا وأمينا عاما.

ب- يتكون المجلس من 50 عضوا، يضاف إليهم، كأعضاء ملاحظين، أسمى المسؤولين، عن السلطات الحكومية والمؤسسات العمومية ذات الصلة بشؤون مغاربة الخارج.

ج- يتم انتقاء هؤلاء الأعضاء وفق المعايير والمسطرة المشار إليهما أدناه.

د- يقوم مجلس الجالية المغربية بالخارج، في مرحلة لاحقة، في تركيبته الأولى، بناء على تجربته، وبعد إجراء الدراسات والاستشارات اللازمة، باقتراح الصيغة الأكثر ملاءمة لتشكيله في المستقبل، والأرجح أن هذه الصيغة ستحتاج إلى إدخال البعد الانتخابي في تشكيلة المجلس، وذلك بنسب يحددها المجلس.

ه- يتم، في المرحلة الراهنة، انتقاء وتعيين الأعضاء لمدة أربع سنوات من ضمن الشخصيات المغربية المهاجرة الأكثر تأهيلا للإسهام في الإنجاز الجيد لمهام المجلس بأعلى درجات الكفاءة والمصداقية والتجرد، وذلك من بين الباحثين والمنتخبين والفاعلين الجمعويين وأصحاب القرار في بلدان المهجر، والمقاولين وزعامات الجاليات المغربية والفنانين والرياضيين والصحفيين والأطر والشغيلة.

و- وعلاوة على ذلك يراعى في تركيبة المجلس أكبر قدر ممكن من الحرص على الإنصاف بين الأجيال والمساواة بين الجنسين والتوازن بين المواقع الجيوسياسية لبلدان الإقامة.

ز- استحضارا لهذه المعايير ولمجمل خلاصات مختلف الأنشطة التي قام بها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، يقترح هذا الأخير على صاحب الجلالة تعيين لجنة للإنتقاء الأولي تكون مهمتها وضع لائحة للأشخاص المرشحين لعضوية مجلس الجالية المغربية بالخارج ترفع إلى العناية السامية لجلالة الملك.

3. تنظيم المجلس وتسييره

أ- يعقد المجلس دورة عامة عادية كل سنة، وعند الاستعجال دورات استثنائية. وتعقد هذه الدورات على أساس جدول أعمال يقترحه الرئيس، بمبادرة منه أو بطلب من الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، ويرفع إلى جلالة الملك قصد الموافقة عليه.

ب- تكون للمجلس واسع الصلاحية في إقرار ومراجعة نظامه الداخلي، وانتخاب مكتب دائم من خمسة إلى سبعة أعضاء، وتشكيل مجموعات عمل ولجان و تعيين مقررين خاصين لمهام محددة، ووضع واعتماد برامج عمله وميزانيته السنوية، ويرفع كل ذلك إلى جلالة الملك قصد الموافقة السامية.

ج- ضمانا لحسن تحضير دوراته العامة ولإنجاحها، يستعين المجلس بكل وسائل الاتصال الحديثة لتأمين التشاور الدائم بين أعضائه.

د- يسهر رئيس المجلس على تتبع تفعيل التوصيات الصادرة عن المجلس المصادق عليها من طرف جلالة الملك. ولهذه الغاية يعمل باتصال وبتشارك منتظمين وحثيثين مع السلطات التشريعية والحكومية والإدارية ذات الاختصاص، وهذه السلطات ملزمة بالدعم الفعال لأشغال المجلس ولتطبيق توصياته طبقا للقوانين والضوابط الجاري بها العمل.

هـ- وعلى المجلس كذلك أن يلتزم بالإنصات المتواصل لأكبر عدد ممكن من مغاربة الخارج، ضمانا للتواصل والمشورة الأكثر انتظاما وديمقراطية معهم، وذلك من خلال منابر التعبير الإلكترونية، والتحقيقات واستطلاعات الرأي الدورية بالطرق الإلكترونية أو البريدية، وجلسات الاستماع العمومية حول قضايا خاصة، وما إلى ذلك.

و- وعلاوة على ذلك، فعلى المجلس أن يستعين، حسب الحاجة، بخبراء مرموقين متخصصين في مختلف ميادين الهجرة التي تدخل في نطاق مهامه.

ز- إضافة إلى ما يضعه المجلس من تقارير نوعية حول القضايا التي يعالجها في دوراته العامة، يعد أيضا، سنويا، تقريرا عن أنشطته، وكل سنتين، تقريرا عاما يحلل فيه اتجاهات الهجرة المغربية وإشكالياتها المميزة، ويقّيم ذاتيا، وبالاستعانة بالخبرة من خارجه، حصيلة نشاطه وتنظيمه وتسييره، ويستعرض انطباعات وتصورات مغاربة الخارج بشأنه.

ح- بمجرد تعيين أعضاء المجلس، يقوم الرئيس والأمين العام، في أجل أقصاه ثلاثة أشهر، بإعداد مشروع نظام داخلي ومشروع برنامج أولويات عمله اللذين يعرضان على أول دورة عامة للمجلس، ويمكنهما الاستعانة في ذلك بمن يختارانهم من بين أعضاء المجلس.

ثالثا: من أجل سياسات وهيئات عمومية متجددة

يرى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج المقبل ينبغي:

1. أن يندرج في مشهد مؤسساتي يعاد فيه النظر ويجدد؛

2. أن يتم في تلاؤم مع التطورات البارزة التي عرفتها الهجرة، خلال العقود الأخيرة، حتى يأخذ بعين الاعتبار الانتظارات القوية المعبر عنها، لاسيما في المجال الثقافي.

1. إعادة النظر في الإطار المؤسساتي

إن التوسع الديمغرافي والتشتت الجغرافي والتحولات التي عرفتها الهجرة المغربية، في عقود قليلة، قد طرحت، وتطرح باستمرار على السلطات الحكومية المغربية تحدي إيجاد أجوبة مؤسساتية ملائمة وفي مستوى الرهانات المتعددة والمتجددة. وتستلزم هذه السياسات العمومية، علاوة على ذلك، موارد بشرية جيدة التكوين ومواكبة للحقائق المتحركة والمتنوعة لهذه الهجرة وكذا موارد مالية ملائمة.

وباعتبارها ظاهرة شاملة، فان مسألة الهجرة، بحكم طابعها الأفقي، تستلزم تدخل عدة فاعلين عموميين (قطاعات وزارية وخاصة وزارات الشؤون الخارجية والتعاون، المالية، العدل، الشؤون الإسلامية، التربية الوطنية، الوزارة المنتدبة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ومؤسسة محمد الخامس للتضامن) وخواص (لاسيما الأبناك وكذا شركات النقل ووكالات نقل الأموال...إلخ).

ويأتي إحداث المجلس في ظل هذا المشهد المؤسساتي وسيكون عليه أن يتعامل مع جميع هؤلاء المتدخلين.
وإن نجاح المجلس، ولاسيما إعداد وتفعيل وتقييم الإجابات العمومية الملائمة لمطالب الهجرة، خاصة على المستوى الثقافي، يستلزم تنسيقا دائما بين مختلف المتدخلين العموميين والخواص، وكذا إطلاق تفكير ضروري مع الأبناك حول تدبير الودائع والتحويلات المالية للمهاجرين، خاصة من أجل رفع مردوديتها لفائدة مالكيها ولفائدة الاقتصاد الوطني.

وقد أجمع المخاطبون العموميون والخواص الذين استشارهم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، على تنوع المتدخلين وعلى النتائج السلبية الناجمة عن ذلك، وعلى ضرورة إعادة تأهيل/أو مراجعة النظم الأساسية لبعض المؤسسات. وهنا تبرز ثلاثة محاور أساسية:

أ- الحرص على أن يكون لمجلس الجالية المغربية بالخارج مخاطب وحيد على المستوى الحكومي؛

ب- ضرورة إعادة هيكلة الآليات المالية العمومية الموجهة لتمويل مشاريع استثمار المهاجرين المغاربة، والتي يبدو أن نتائج حصيلتها وإدارتها (تركيبة المجالس الإدارية بصفة خاصة) غير كافية وغير متلائمة مع التحولات التي تعرفها الهجرة. وينبغي أن تتم عملية إعادة الهيكلة بموازاة مع انخراط أقوى وأنجع لمجموع المؤسسات المالية المتدخلة في تحويل وتنمية مدخرات المهاجرين المغاربة لفائدتهم ولمصلحة الاقتصاد الوطني؛

ج- لزوم تحيين الأجهزة العمومية المتدخلة في مجال الهجرة بمراجعة أنظمتها الأساسية ومهامها وتمويلها وطرق عملها، في ضوء إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج وتحولات المجال الجمعوي المغربي لهؤلاء وضرورة عصرنة هذه الآليات.

2. الاستجابة للإنتظارات الأساسية للهجرة لاسيما في المجال الثقافي

لقد مكنت الاستشارات التي نظمت في بلدان الإقامة من الوقوف على الإنتظارات الكبيرة التي تبرز في أوساط الجاليات المغربية بخصوص المسألة الدينية من جهة، والمسألة الثقافية، من جهة أخرى، وهي مطالب يتم التعبير عنها عامة بالمناشدة بفتـح “مراكز ثقافية مغربية”، حيث تكرر هذا المطلب باستمرارخلال جميع الاستشارات.

وهكذا تبرز الإشكالية الدينية كمسألة محورية على عدة مستويات. فبالرغم من أن التعبير الديني للهجرة يبرز بدرجات مختلفة، حسب الأفراد والمجموعات، فإن الإسلام يبرز في بلدان الإقامة كعنصر تأسيس للهوية المغربية وأحد اهتمامات الجاليات والفاعلين العموميين لهذه البلدان ولكن أيضا للرأي العام.

إن تحفظ بل وعداء السكان الأصليين للبروز المتصاعد للإسلام في الفضاء العمومي (بناء أماكن العبادة، واللباس، المتطلبات من حيث التغذية...)، قد أصبح ظاهرة ملحوظة لها تأثيرها القوي على الحكومات ومجموع الفاعلين الاجتماعيين لبلدان الإقامة.

وإذا كانت المساواة في المعاملة مضمونة للشعائر الإسلامية، من الناحية القانونية، فإن الواقع الفعلي غير ذلك: فباعتبارها وافدا جديدا على الفضاء الديني الأوروبي المتنوع أكثر فأكثر، فإن على الشعائر الإسلامية أن تتدارك هذا التأخر الزمني بالمقارنة مع العقائد القائمة، لاسيما من حيث بناء أماكن العبادة والتأطير الديني. والحال أن هذا الهدف يصطدم بالعديد من العراقيل: ضعف التمويل الداخلي، تشتت الفاعلين الجمعويين، مرجعيات قانونية معادية لبناء مساجد، تحت ذرائع مختلفة.

وهكذا فإن الانشغالات المرتبطة بالهوية الدينية بل والإثنوثقافية واللغوية لا تجد دائما في الحقيقة، فضاء كافيا للتعبير والاعتراف في مجتمعات الإقامة. بل على العكس من ذلك، فإن التوترات التي تم رصدها في مجتمعات الإقامة بخصوص الدين تعني أكثر فأكثر مجموع رموز ثقافة المنشأ التي يُنظر إليها كنقيض لقيم هذه البلدان وتعتبر بمثابة مناقض أو معرقل لمسلسل منسجم للإدماج والاندماج.

إن ثقافة المنشأ عندما تم التنقيص من قيمتها في هذه المجتمعات قد دفعت بالمهاجرين وذرياتهم، على اختلاف أجيالهم إلى إعادة بعثها وتجسيدها، حسب ظروف عيشهم وخصوصيات سياق حياتهم ،مما أفرز لدى هذه الجاليات أشكالا غير مسبوقة للتعبير الثقافي تهم أساسا ميدان الإنتاج الثقافي أكثر مما تهم مجال الممارسات الثقافية (التمثلات، الاعتقادات، السلوكات الدينية...).

لذا ينبغي أن تشكل مسألة إعداد منتوج ثقافي متنوع وجيد إحدى أولويات اهتمام مجلس الجالية المغربية بالخارج، على أن تأخذ هذه السياسة الجديدة بعين الاعتبار الخصوصيات التاريخية والثقافية لكل بلد من بلدان الإقامة ولاسيما وفي المقام الأول الإطار القانوني والمؤسساتي الخاص بالشعائر. وينبغي أن يستند هذا التوجه إلى الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة للاتصال ومن القدرات والمؤهلات المتوفرة لدى جالياتنا لإفساح المجال، من جهة، لنشر الثقافة والفنون الشعبية، وأيضا للإبداع المعاصر الجمعي/التعددي، من جهة أخرى. وينبغي أن يعكس ذلك أيضا داخل المغرب الدينامية الثقافية للمهاجرين وللمبدعين منهم بصورة خاصة.

الاجتماع الثامن والعشرون للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان

الجمعة 14 شوال 1428هـ موافق ل 26 أكتوبر 2007م

أعلى الصفحة